تجسدت رغبتي الشديدة في الانضمام إلى مجال الأمن السيبراني، كوني مهندسة اتصالات تبحث عن التميز بشكل دائم، بدأت رحلتي في هذا المجال في عام 2022 عند إلتحاقي بدورة “Cyber Ops” لكني وجدت نفسي وحيدة مع فتاة واحدة فقط في هذه الدورة، كان معظم المتدربين من الشباب، كان لهذا الأمر تأثير سلبي على المتابعة ودراسة محتوى الدورة وبدأت إشارات الاستفهام تظهر لدي فيما إذا كان هذا المجال ليس مناسباً لنا نحن النساء.
لكني قررت أن أسأل مدرب الدورة المهندس جميل حسين طويلة عن هذا الأمر.
وأجابني بكلمات ملهمة قائلاً:
“بالعكس تماماً! ستكون لديك فرصة رائعة في هذا المجال، لأن نسبة المشاركة للفتيات قليلة جداً، إذا استمريتِ وعملتِ بجد، فبالتأكيد ستجنين ثماراً رائعة وستحظى بفرص عمل ممتازة في المستقبل.”
بهذه الكلمات، تغيرت نظرتي تماماً وأدركت أن وجودي في هذا المجال كامرأة يمثل فرصة للتأثير والتميز وقررت أن استمر وأعمل بجد، لأنني أدركت أن قلة المشاركة النسائية تعني أن هناك مساحة كبيرة للنمو والتفوق.
لماذا قررت كتابة هذا المقال؟
لكي أشجع كل امرأة مهتمة بمجال الأمن السيبراني على أن تتجاوز الشكوك والتحديات وأن تؤمن بقدرتها على تحقيق النجاح، لا تدعي أي نسبة قليلة تثنيكي عن متابعة شغفك وتحقيق أهدافك فالعالم يحتاج إلى صوتك ومساهمتك في حماية وجودنا الرقمي.
كما نعلم جميعاً بأن الأمن السيبراني أصبح تحدياً رئيسياً في عصرنا الحديث وبالتالي فإن دخول المرأة في هذا المجال المعقد والمتطور يمثل تحدياً للتصور التقليدي ومع ذلك، على الرغم من التحديات الكثيرة تثبت المرأة يوما بعد يوم قدرتها على تقديم إسهامات قيمة وحلول فريدة لتعزيز الحماية في عالمنا الرقمي وبالفعل، هناك نماذج مشرقة لنساء يعملن في هذا المجال، حيث يتفوقن في تحليل الهجمات السيبرانية وحماية الأنظمة والشبكات من عمليات الاختراق وسرقة وتسريب البيانات.
وهنا يجب أن نتذكر:
أن القدرة والموهبة لا تتوقف على جنس معين أو دور معين في المجتمع فلنرحب ولندعم ولنلهم المزيد من النساء للازدهار في مجال الأمن السيبراني!
كيف يمكننا تعزيز دور المرأة في هذا المجال؟
بالتأكيد يوجد العديد من الأمور التي من الممكن أن تساعد في تعزيز دور المرأة في مجال الأمن السيبراني ومن وجهة نظري يمكن أن يتم هذا الأمر من خلال الدعم والتدريب المستمر للنساء اللاتي يسعين للدخول إلى هذا المجال عبر تقديم برامج تعليم وتدريب مخصصة وتوفر الفرص والموارد الضرورية للنمو والتقدم المهني، كما يمكن تشجيع المشاركة النشطة للشركات والمؤسسات في تأمين بيئة عمل تحترم التنوع وتقدر المساهمات المتنوعة.
سأطرح عليكم بعض الخطوات لمساعدة المرأة المهتمة بمجال الأمن السيبراني لتبدأ مسيرتها المهنية:
1. التعليم والتدريب:
تبدأ المسيرة المهنية في مجال الأمن السيبراني بالتعليم والتدريب ولهذا السبب ينبغي على المرأة المهتمة أن تكتسب المعرفة والمهارات الأساسية في مجال الأمن السيبراني من خلال دراسة علوم الحاسب وأساسيات الشبكات وأنظمة الشتغيل، يمكن الحصول على كل هذه المهارات من خلال حضور الدورات التدريبية والبرامج التعليمية المتاحة عبر الإنترنت أو في المراكز التدريبية.
2. اكتساب الخبرة العملية:
بمجرد الحصول على المعرفة الأساسية، يوصى بالبحث عن فرص لاكتساب الخبرة العملية في مجال الأمن السيبراني. يمكن للمرأة الالتحاق ببرامج التدريب أو الاجتماعات والمؤتمرات المتخصصة والمشاركة في مشاريع تطوعية أو العمل في مشاريع جامعية ذات صلة، هذه الفرص تساعدها على تطبيق المفاهيم والمهارات التي تعلمتها وبناء شبكة مهنية.
3. الحصول على الشهادات والاعتمادات:
تعد الشهادات والاعتمادات في مجال الأمن السيبراني أداة هامة لبناء المصداقية والتميز المهني، هناك العديد من الشهادات المعترف بها عالمياً في مجال الأمن السيبراني،
مثل شهادة Security Plus وشهادة Certified Ethical Hacker (CEH)، والعديد من الشهادات الأخرى ينبغي على المرأة المهتمة أن تدرس وتحضر دورات الاستعداد لهذه الشهادات وتسعى للحصول عليها لتعزيز مهاراتها وتوسيع فرصها المهنية.
4. بناء الشبكة المهنية:
ينبغي على المرأة المهتمة بمجال الأمن السيبراني أن تبني شبكة مهنية قوية من خلال الانضمام إلى المنتديات والمجتمعات عبر الإنترنت للتواصل مع المحترفين ومشاركة الأفكار والخبرات، كما ينصح بحضور المؤتمرات والمعارض الخاصة بالأمن السيبراني حيث يمكنها التعرف على أشخاص ذوي خبرة وتوسيع شبكتها المهنية.
5. التقدم المهني:
تتطلب مسيرة مهنية ناجحة بمجال الأمن السيبراني التقدم المستمر والتطوير المهني، ينبغي على المرأة المهتمة أن تواصل تعلم الأفكار والتقنيات الجديدة في هذا المجال بالإضافة لمتابعة التطورات والتحديثات الأمنية، هذه الأمور تساعدها للحصول على فرص للترقية والتحول إلى مناصب أعلى في مجال الأمن السيبراني، مثل مدير الأمن السيبراني أو مستشار الأمن السيبراني.
6. تعزيز الوعي وتشجيع النساء:
يمكن للمرأة المهتمة بمجال الأمن السيبراني أن تلعب دوراً في تعزيز الوعي الأمني وتشجيع المزيد من النساء على اختيار هذا المجال المهني من خلال المشاركة في الأنشطة والمبادرات التعليمية وتقديم الدعم والمساعدة للنساء اللاتي يرغبن في دخول هذا المجال.
في النهاية:
أوصيكِ بالاستمرار على هذا النهج والعمل بجد لاكتساب المهارات المطلوبة وتوسيع معرفتك في مجال الأمن السيبراني فرغم التحديات تلكثيرة يمكن أن تكوني فتاة ناجحة ومبدعة في هذا المجال وقادرة على تحقيق تميزك وفرض بصمتك الخاصة، استمري في مسيرتك وتحدّي نفسك وكوني مستعدة للاستثمار بتعلم المهارات اللازمية لهذا المجال لضمان نجاحك في المستقبل.
أنت تستحقين أن تُدرّبي وتعملي في هذا المجال بنفس الفرص والامتيازات التي يتمتع بها الأشخاص الآخرون، لذا أود أن أوجه رسالة لكل امرأة تهتم بمجال الأمن السيبراني:” لا تستسلمي للشكوك ولا تدعي نسبة المشاركة المنخفضة تثنيكِ عن متابعة شغفكِ وتحقيق أهدافكِ”.